[color=blue][size=18][center][center][size=16][color=olive]'الصداقة والأصدقاء' (4)!! 'الصديق الكذاب'!
الصديق الكذاب! عنوان غريب؟ أليس كذلك؟! إذ كيف يكون صديقا وكذابا في نفس الوقت؟ الصديق مشتق من الصدق، فلا يمكن أن يكون كذابا. والكذاب متلون لا يستقر على حال، ولا يمكن أن تثق منه بقول، فلا يمكن أن يكون صديقا. وإذن كيف تداخلت الدائرتان؟!
الصديق الكذاب! إنسان محترم، قائم بحقوق الله، وبحقوق العباد، لا يقصد الإساءة لأحد، ولا يقصر مع أحد، وقد يكون ممن يشار إليه بكثرة العبادة، وهو مع ذلك لطيف، حلو اللسان، لبق. ثم إنه انتبهوا فهذه مهمة يحفظ أحاديث ذم الكذب، ويتلوها وهو يلعن الكذب والكذابين! وهو أيضا لا يمكن أن يكذب ذلك الكذب الذي يسميه مجتمعنا كذبا! ولكنه بعد ذلك ومع ذلك وفوق كل ذلك: كذاب كذاب كذاب! بالثلاث يعني!!
وقبل أن نكمل مع صديقنا الكذاب، أحب أن أنصفه قليلا! فهذا المسكين غير مدرك لحالته! لماذا؟! لأنه ابن مجتمع كذاب؛ مجتمع حدد للكذب معنى سطحيا واحدا، هو جواب السؤال: هل فعلت كذا؟ فإن قال لا فهو صادق بل وصديق، وكفى الله الصادقين القتال. ثم بعد أن حدد هذا المجتمع هذه الدائرة الضيقة للكذب، أسس للكذب مدرسة ونمطا حتى غدا مجتمعنا العربي وإن أحببت المسلم ماركة مسجلة على هذا الكذب! نعرف به، ويشار إلينا عندما يذكر بالبنان! إذن صديقنا الكذاب ابن بيئته، هكذا تربى ونشأ! فهو مخلص لبيئته، منسجم مع تربيته!
نعود إلى الصديق الكذاب، ونسال كيف؟
الصديق الكذاب علاقة مربكة، لا تستطيع ضمان ما يقول، فلو قال لك: صباح الخير. للزم أن تتأكد هل الوقت صباح أم مساء.
يلقاك بوجه طلق بشوش، يسألك عن صحتك بكل حرارة، يضمك إلى صدره حتى تظن أنه سيبتلعك، يطلب منك رقم الخلوي، ويسجله أمامك، ثم يذهب وهو يعدك بأنه سيتصل بك! في الحقيقة أنت لا تستطيع التأكد إن كانت طلاقة وجهه تنم عما في قلبه، ولا تعرف إن كان مهتما بصحتك فعلا، وفي الغالب ستمر الأيام والشهور والسنون ولن يتصل! قد تقول لم لا تتصل أنت؟ وأجيبك: وهنا الكذب، إذ لم يجبره أحد على التبرع بعواطفه، وتوزيع وعوده، في حين أنه لا يعني من ذلك شيئا. الكذب أن تقول ما لا تعني. وهو كذب غير مسجل في تعريف الكذب لدينا.
الصديق الكذاب! قلما يلتزم بموعد، فقد لا يأتي أصلا، وقد يأتي ولكن بعد دهر. إنه صديق مزعج فأنت لا تستطيع تركه بهذه البساطة، ولكنك لا تستطيع الثقة بأي حرف يصدر عنه. وأقول لكم وبلا مبالغة كما طلب أحد الأخوة يندر أن أذهب إلى موعد إلا وأنا على قلق أن مواعدي لن يأتي! كيف وصلت إلى هذه النقطة؟ من كثرة المواعيد الخوازيق!
هذه بعض صور الصديق الكذاب، قصدت ن تكون منبها لكم لصور أخرى، وأظن أنكم من الآن فصاعدا سترصدون هذه الظاهرة. ولمن يسألني ما العمل مع هذا الإنسان؟ أقول: الفت انتباهه إلى هذا الخلق السيئ، فإن لم يتنبه فأنت في حل منه، وفي غنى عن صحبة من هذه حاله.[/color][/size][/center][/center][/size][/color]